الرسم الكاريكاتوري
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الرسم الكاريكاتوري
بسم الله و الصلاة والسلام على رسول الله
إخوتي وأخواتي السلام عليكم ورحمة الله
الكاريكاتير
كلمة ذات أصل إيطالي “Ccaricature” وتعني المبالغة والمغالاة،
وفن الكاريكاتير كان دائماً وما زال نظرة تهكمية غريزية تعتمد على دقة الملاحظة وسرعة البديهة، مع نظرة تنقب عن السخرية في المواقف،
من خلال تقاطيع الوجه وتعبيرات الجسد في شكل مختلف عن الواقع، ويهدف إلى الرمز في خليط من المبالغة مع الحفاظ على الشخصية والشبه في آن واحد.
لعل هذه العملية المعقدة توضح أن أهم مواصفات فنان الكاريكاتير، الموهبة الخاصة جداً، والتي يعززها نوع من الذكاء والقدرة على تحليل بواطن الأشياء.
الكاريكاتير كما هو متعارف عليه، هو رسم تشكيلي ساخر، وهو نوع من الفنون يعتمد الخط واللون والظل لبناء هيكله ويعبر عن فكرة ساخرة، ومع ذلك فإن الكثير من رسوم الكاريكاتير تستخدم التعليقات الأدبية، وأحياناً النصوص الطويلة وهذه ظاهرة ليست جديدة، فهي موجودة منذ المراحل التاريخية الأولى لفن الكاريكاتير وفي أعمال فنانين بارزين مثل “دومييه” و”فودفارد” و”بوزون” و”دافنشي” و”الأخوان كراتشي” و”تنذيرد” وغيرهم.
في فترة حكم الرئيس “جاكسون” ظهرت العديد من الاتجاهات في فن الكاريكاتير، وكانت بمثابة توجيهات جديدة أهمها:
إضافة الكلمات على الرسم بلهجة الشخصية المرسومة كاريكاتيرياً في الرسم الهزلي، أو إحدى جمله المعروفة أو مقولة يرددها، وتكون (مربوطة بفمه) وهي على شكل خط دائري مقفل، لكي يعرف القارئ أن هذه كمقدمة جديدة لإدخال هذا التطور إلى عالم الكاريكاتير، ومنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا نجد فناني الكاريكاتير يستخدمون هذه الطريقة، ويتعاملون بهذا الأسلوب، انطلاقاً فيما أثبته من نجاعة ونجاحاً كبيراً في عالم فن الكاريكاتير، وهذا ما زال موجوداً في معظم المطبوعات الدورية في عالمنا الحديث، وأضحت ظاهرة منتشرة في أعمال الكثير من رسامي الكاريكاتير المعاصرين بينهم فناني الكاريكاتير العرب مثل رمسيس، عصام حسن، طوغان، جلال الرفاعي، عماد حجاج، وأميه جحا، بهاء البخاري، خليل أبو عرفه، محمد الزواوي، محمود كحيل فجميعهم اعتمد النص.
ناجي العلي من جهته، اعتمد في رسومه بشكل كبير على النصوص الأدبية.
“النص” أثار خلافات بين المبدعين الفنانين والرسامين والنقاد، فعدد منهم عارض بصورة حازمة استخدام الكلمات أو التعليق في الكاريكاتير وعدد آخر لم ير في ذلك ضرراً، وجاءوا بالبراهين ليثبتوا صحة وجهة نظرهم، مؤكدين أنها (الكلمة)، تعطي أهمية للكاريكاتير وتجعله ينجز وينفذ هدفه بشكل أسرع وبالتالي تصل الفكرة للقراء بشكل سلس.
رسام الكاريكاتير السوري علي فرزات يرى بأن الكاريكاتير من الضروري أن يعتمد على الخطوط (الغرافيك) ويقول: “نحن نفهم الإنسان الذي يمتلك السيطرة على الريشة والألوان، لماذا إذن إدخال الكلمة في الرسومات؟ هذا يعتبر عصيان، ويعتبرها نوعاً من العكاكيز يتكئ عليها الرسام غير القادر على إيصال مضمونه إلى الجمهور بواسطة أدوات التعبير التشكيلية فقط، هذا يعني أن الرسوم الكاريكاتيرية وحدها تستطيع بخطوطها الوصول لهدفها وإيصال ما تريده من معلومة للقارئ، ولا داعي لفن الكاريكاتير أن يتجه للكلمة.
ويؤكد أن الكاريكاتير في أساسه رسمة واضحة المعالم ولا داعي للكلمة أو أي من النصوص، وإذا كانت هناك كلمات ولا مناص من تدوينها فهذا يعتبر ضرورة يجب أن تكون جزأً من الرسمة وليس تعليقاً عليها.
الكاريكاتير في المطبوعات، يخدم أحد أشكال مهام نشاط الأدب الاجتماعي، وكذلك مهام الصحيفة بشكل خاص، فالبوستار أو الصورة التصويرية، هي إحدى الوسائل الدعائية السياسية أو الاجتماعية والتي يُعمل بها بشكل واسع النطاق في العالم أجمع.
الكاريكاتير ليس صدفة يلتقي مع الغرافيك في الصحيفة بالتحديد، كنوع خاص من أنواع الفن التصويري، فهو ذو تركيبة لفظية غير مألوفة، تتضمن قضية عادلة، فمفهوم الغرافيك في الجريدة يخدم الفن ككل ويلبي حاجته وطبيعة الصحافة بمطبوعاتها الدورية.
أما “بوليفوى” فقد استمر للأمام متأثراً بفعالية الأدب الاجتماعي والتصويري في المطبوعات الدورية ويقول: “لا تختلفان وسيلتا الرسم والتصوير عن بعضهما، وممكن أن يكون الرسم فقط لزخرفة النص، ويرى أن الرسم والنص ممكن أن يخرجا منسجمين دون جدال وممكن في نفس الوقت أن يخلقا جدلاً حاداً، وهذا ممتع وجميل”.
نستخلص من هذا الجدل أن رافضوا النص ينطلقون من واقع أن فن الكاريكاتير: هو فن تشكيلي ويجب ألا يعتمد على أدوات غير تشكيلية لإيصال مضمونه إلى الناس، أما أولئك الذين لا يرون ضيراً في استخدام النص الأدبي فإنهم يشيرون إلى التبعية الثنائية لفن الكاريكاتير، (التشكيلية والصحفية)، وبالتالي فهم يبررون وجود التعليق في الكاريكاتير على أساس أن الكاريكاتير بهويته الصحفية إلى جانب هويته التشكيلية يمكن أن يستخدم أدوات التعبير غير التشكيلية للوصول إلى أهدافه الموضوعة، فهو ليس رسماً منفذاً للوصول إلى غايات جمالية، والناحية الجمالية ليست الهاجس الرئيس للكاريكاتير، وإنما له غاية أخرى قد تكون سياسية أو تعليمية أو ما شابه من الغايات، وللوصول إليها فلا مانع من استخدام ما يراه الفنان مناسباً.
إخوتي وأخواتي السلام عليكم ورحمة الله
الكاريكاتير
كلمة ذات أصل إيطالي “Ccaricature” وتعني المبالغة والمغالاة،
وفن الكاريكاتير كان دائماً وما زال نظرة تهكمية غريزية تعتمد على دقة الملاحظة وسرعة البديهة، مع نظرة تنقب عن السخرية في المواقف،
من خلال تقاطيع الوجه وتعبيرات الجسد في شكل مختلف عن الواقع، ويهدف إلى الرمز في خليط من المبالغة مع الحفاظ على الشخصية والشبه في آن واحد.
لعل هذه العملية المعقدة توضح أن أهم مواصفات فنان الكاريكاتير، الموهبة الخاصة جداً، والتي يعززها نوع من الذكاء والقدرة على تحليل بواطن الأشياء.
الكاريكاتير كما هو متعارف عليه، هو رسم تشكيلي ساخر، وهو نوع من الفنون يعتمد الخط واللون والظل لبناء هيكله ويعبر عن فكرة ساخرة، ومع ذلك فإن الكثير من رسوم الكاريكاتير تستخدم التعليقات الأدبية، وأحياناً النصوص الطويلة وهذه ظاهرة ليست جديدة، فهي موجودة منذ المراحل التاريخية الأولى لفن الكاريكاتير وفي أعمال فنانين بارزين مثل “دومييه” و”فودفارد” و”بوزون” و”دافنشي” و”الأخوان كراتشي” و”تنذيرد” وغيرهم.
في فترة حكم الرئيس “جاكسون” ظهرت العديد من الاتجاهات في فن الكاريكاتير، وكانت بمثابة توجيهات جديدة أهمها:
إضافة الكلمات على الرسم بلهجة الشخصية المرسومة كاريكاتيرياً في الرسم الهزلي، أو إحدى جمله المعروفة أو مقولة يرددها، وتكون (مربوطة بفمه) وهي على شكل خط دائري مقفل، لكي يعرف القارئ أن هذه كمقدمة جديدة لإدخال هذا التطور إلى عالم الكاريكاتير، ومنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا نجد فناني الكاريكاتير يستخدمون هذه الطريقة، ويتعاملون بهذا الأسلوب، انطلاقاً فيما أثبته من نجاعة ونجاحاً كبيراً في عالم فن الكاريكاتير، وهذا ما زال موجوداً في معظم المطبوعات الدورية في عالمنا الحديث، وأضحت ظاهرة منتشرة في أعمال الكثير من رسامي الكاريكاتير المعاصرين بينهم فناني الكاريكاتير العرب مثل رمسيس، عصام حسن، طوغان، جلال الرفاعي، عماد حجاج، وأميه جحا، بهاء البخاري، خليل أبو عرفه، محمد الزواوي، محمود كحيل فجميعهم اعتمد النص.
ناجي العلي من جهته، اعتمد في رسومه بشكل كبير على النصوص الأدبية.
“النص” أثار خلافات بين المبدعين الفنانين والرسامين والنقاد، فعدد منهم عارض بصورة حازمة استخدام الكلمات أو التعليق في الكاريكاتير وعدد آخر لم ير في ذلك ضرراً، وجاءوا بالبراهين ليثبتوا صحة وجهة نظرهم، مؤكدين أنها (الكلمة)، تعطي أهمية للكاريكاتير وتجعله ينجز وينفذ هدفه بشكل أسرع وبالتالي تصل الفكرة للقراء بشكل سلس.
رسام الكاريكاتير السوري علي فرزات يرى بأن الكاريكاتير من الضروري أن يعتمد على الخطوط (الغرافيك) ويقول: “نحن نفهم الإنسان الذي يمتلك السيطرة على الريشة والألوان، لماذا إذن إدخال الكلمة في الرسومات؟ هذا يعتبر عصيان، ويعتبرها نوعاً من العكاكيز يتكئ عليها الرسام غير القادر على إيصال مضمونه إلى الجمهور بواسطة أدوات التعبير التشكيلية فقط، هذا يعني أن الرسوم الكاريكاتيرية وحدها تستطيع بخطوطها الوصول لهدفها وإيصال ما تريده من معلومة للقارئ، ولا داعي لفن الكاريكاتير أن يتجه للكلمة.
ويؤكد أن الكاريكاتير في أساسه رسمة واضحة المعالم ولا داعي للكلمة أو أي من النصوص، وإذا كانت هناك كلمات ولا مناص من تدوينها فهذا يعتبر ضرورة يجب أن تكون جزأً من الرسمة وليس تعليقاً عليها.
الكاريكاتير في المطبوعات، يخدم أحد أشكال مهام نشاط الأدب الاجتماعي، وكذلك مهام الصحيفة بشكل خاص، فالبوستار أو الصورة التصويرية، هي إحدى الوسائل الدعائية السياسية أو الاجتماعية والتي يُعمل بها بشكل واسع النطاق في العالم أجمع.
الكاريكاتير ليس صدفة يلتقي مع الغرافيك في الصحيفة بالتحديد، كنوع خاص من أنواع الفن التصويري، فهو ذو تركيبة لفظية غير مألوفة، تتضمن قضية عادلة، فمفهوم الغرافيك في الجريدة يخدم الفن ككل ويلبي حاجته وطبيعة الصحافة بمطبوعاتها الدورية.
أما “بوليفوى” فقد استمر للأمام متأثراً بفعالية الأدب الاجتماعي والتصويري في المطبوعات الدورية ويقول: “لا تختلفان وسيلتا الرسم والتصوير عن بعضهما، وممكن أن يكون الرسم فقط لزخرفة النص، ويرى أن الرسم والنص ممكن أن يخرجا منسجمين دون جدال وممكن في نفس الوقت أن يخلقا جدلاً حاداً، وهذا ممتع وجميل”.
نستخلص من هذا الجدل أن رافضوا النص ينطلقون من واقع أن فن الكاريكاتير: هو فن تشكيلي ويجب ألا يعتمد على أدوات غير تشكيلية لإيصال مضمونه إلى الناس، أما أولئك الذين لا يرون ضيراً في استخدام النص الأدبي فإنهم يشيرون إلى التبعية الثنائية لفن الكاريكاتير، (التشكيلية والصحفية)، وبالتالي فهم يبررون وجود التعليق في الكاريكاتير على أساس أن الكاريكاتير بهويته الصحفية إلى جانب هويته التشكيلية يمكن أن يستخدم أدوات التعبير غير التشكيلية للوصول إلى أهدافه الموضوعة، فهو ليس رسماً منفذاً للوصول إلى غايات جمالية، والناحية الجمالية ليست الهاجس الرئيس للكاريكاتير، وإنما له غاية أخرى قد تكون سياسية أو تعليمية أو ما شابه من الغايات، وللوصول إليها فلا مانع من استخدام ما يراه الفنان مناسباً.
ليتك تعرف- عضو جديد
- رقم العضوية : 31
الوطن :
عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 28/05/2015
رد: الرسم الكاريكاتوري
الفن التشكيلي الصحفي:
وهكذا فإن منبع الخلاف هو هوية الكاريكاتير وانتماؤه، ولكي نحدد موقفاً من هذه الظاهرة فلابد من البحث عن الهوية الحقيقية له.
إن جميع التعريفات لفن الكاريكاتير في الموسوعات والمعاجم، تؤكد أن الكاريكاتير هو فن تشكيلي، يستخدم المبالغة والتضخيم للحصول على رد فعل عكسي كوميدي، إذاً فالكاريكاتير هو فن تشكيلي بالدرجة الأولى، ولا أعتقد أن هنالك من له على هذا اعتراض، ولكن هل تكفي التعريفات لاتخاذ قرار قاطع بانتماء الكاريكاتير؟ بالطبع لا.
فالكاريكاتير إضافة إلى كونه فن تشكيلي، فإن له الكثير من الخصائص الأخرى التي تجعله لا يقتصر عن هذا التعريف فالمكان الأساس لالتقاء الرسم الكاريكاتيري بالمشاهد هو الصحافة بمختلف أنواعها، حتى إذا كانت المعارض هي مكان لمثل هذا الالتقاء، فإن الرسوم المشارِكة في المعارض غالباً ما تكون قد نشرت في صحف ما وإن كانت لم تنشر فإنها عبر هذه المعارض تجد طريقها إلى صفحات دوريات ما، وحتى إذا قمنا بإحصاء لعدد رسوم الكاريكاتير المنشورة في الصحف، لوجدنا أن العدد في الصحف يفوق العدد في المعارض بدرجة كبيرة، وعادة ما تكون هذه المعارض مشكَّلةً من مختارات من رسوم فناني الكاريكاتير ولا تستوعب كل إنتاجهم، وهكذا فإن الانتماء الصحفي للكاريكاتير لا يقلل من انتمائه للفن التشكيلي، وبالتالي فإنه يمكن التأكيد أن لفن الكاريكاتير هوية ثنائية، (تشكيلية وصحفية) وهما لا تتعارضان، فالصحافة بحد ذاتها: هي مساحة لنشاط عدد كبير من الفنون ومن بينها عدة أنواع من الفنون التشكيلية مثل الملصق والصورة والكاريكاتير وغيرها من الفنون الأخرى، ويمكن القول إن الصحافة تعتمد في نشاطها على قطبين هما أداة التعبير التشكيلية وأداة التعبير الأدبية، وقد تتفوق هذه هنا، وقد تتفوق الأخرى هناك، وإن كانت الأداة الأدبية هي الأساسية في الصحافة منذ نشوئها، فإن الأداة التشكيلية في بعض الصحف في عصرنا الراهن تتفوق على الأداة التعبيرية، وعلى سبيل المثال لا الحصر (صحف الأطفال)، ألا تتفوق فيها أداة التعبير التشكيلية على أداة التعبير الأدبية!، وهكذا فإن انتماء الكاريكاتير إلى الصحافة كما قلنا لا يتعارض مع انتمائه إلى الفن التشكيلي، ويمكن تسميته بـ (الفن التشكيلي الصحفي).
وبهذا الشكل فإن وجود الكاريكاتير في الصحافة يفرض عليه تنفيذ أهداف محددة، وبالتالي استخدام أدوات محددة قد تكون أدوات تعبير أدبية (تعليق أو نص أدبي مطول أحياناً) وهذا باعتقادنا لا يقلل من أهمية الرسم الكاريكاتيري، إذ أن النص الساخر بحاجة إلى مهارة ليست بأقل من المهارة المطلوبة في الرسم التشكيلي الساخر، وبالتالي فإن نجاح الرسم الكاريكاتيري أو هبوط مستواه برأينا غير مرتبط بوجود التعليق أو النص الأدبي أو بعدم وجوده، فالكثير من رسوم الكاريكاتير الخالية من التعليق الأدبي تعتبر رسوماً غير ناجحة لأنها لا تصل إلى المستوى المطلوب من السخرية، أي لا تحصل على تجاوب ساخر أو كوميدي لدى المشاهد، حتى وإن كانت منفذة بمهارة فنية تشكيلية عالية، فالأساس في الكاريكاتير هو السخرية، وإن غابت السخرية غاب الكاريكاتير، وهذا ينطبق على النص الأدبي في الكاريكاتير إن وجد هذا النص، وإذا رأى الفنان أن الحصول على التجاوب المذكور بحاجة إلى نص أدبي فإن هذا باعتقادنا ليس نقصاً في الكاريكاتير، وإنما إتقان لنوعين في الفنون الساخرة هما السخرية التشكيلية والسخرية الأدبية والمهم هنا، أن يختار الفنان النص المناسب الموفق والمطلوب، أما إذا كان هذا النص حشواً أو شرحاً للرسم فإنه بالطبع “عكاز” وهذا العكاز لا يؤدي الوظيفة المطلوبة.
أما الاتهام العام والنظرة الفوقية تجاه الأدب الساخر، فإنها برأينا غير صحيحة لأن جميع الفنون تؤثر ببعضها البعض، ومثلما استخدم الأدب الساخر الفنون التشكيلية، فإن الفن التشكيلي الساخر كان لابد له أن يستخدم الأدب، وهل يمكن القول أن أعمال “سرفانتس” و”غوغل” و”دانتي” و”بلزاك” وبعض أعمال الشاعر الكبير محمود درويش وغيرهم تعكزت على الرسوم الساخرة التي رافقتها؟
لا بكل تأكيد، بل إن أعمال الأدباء والشعراء أعطت دفعاً لفن الكاريكاتير نفسه، وكانت تصل إلى الجمهور بدون الرسوم المرافقة، ولكنها إنما استخدمت هذه الرسوم لكي تفعّل مضمونها الكوميدي أكثر والكلام نفسه ينطبق على الكاريكاتير.
وبالتأكيد فإن الرسم الكاريكاتيري الذي يستغني عن النص الأدبي هو رسم فائق المهارة وهو صاحب الصدارة بين أنواع الرسوم الكاريكاتيرية، لأنه عدا عن اعتمداه أداة تعبيرية واحدة (التشكيلية) فهو أيضاً ذو جمهور أوسع، إذ أنه قادر على الوصول إلى أوسع الفئات بغض النظر عن لغاتها، وبالتالي فهو عالمي، إذا خضع لاعتبارات أخرى طبعاً، مثل التركيب النفسي العام لدى البشر جميعاً، وعدم اعتماده على خصائص إثرائية غير مفهومة لباقي البشر، وحتى لو لم يصل العالمية، فهو مفهوم في جميع أوساط وفئات البلد الواحد إذ أنه قادر على الوصول حتى إلى الفئات الأمية من البشر.
ودفاعنا عن وجود النص الأدبي في الرسم الكاريكاتيري لا يعني أبداً الهجوم على الكاريكاتيري الخالي من النص الأدبي، وإنما أردنا القول إنه لا فارق إن كان هناك نص ذو بنية ساخرة متقنة، ومنفذة بمهارة مستخدمة من باب التفعيل لا من باب العجز، وهذا ما يستطيع القارئ تحديده دون بذل جهود خاصة وإلا فإن النص الأدبي ضعيف المستوى هو ليس عكازاً، يتعكز عليه الرسم وإنما يكون ثقلاً على ظهره.
ليتك تعرف- عضو جديد
- رقم العضوية : 31
الوطن :
عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 28/05/2015
رد: الرسم الكاريكاتوري
وعلى أساس تواجد النص الأدبي في الرسم الكاريكاتيري أو عدم تواجده يمكن تصنيف عدة أنواع من الرسوم الكاريكاتيرية وهي:
1- كاريكاتير بدون النص:
وهو يعتبر من أهم أنواع الرسوم الكاريكاتيرية، إذ يعتمد في تصوير المضمون وإيصاله إلى الجمهور، على أدوات التعبير التشكيلية فقط، دون استخدام أي نوع من أنواع التعبير الأدبي، وبعض من هذا الرسم الكاريكاتيري ترافقه عادة جملة (بدون تعليق) التي يؤكد بعض الفنانين، أنها بمثابة التعليق الأدبي الضروري حتى للكاريكاتير الذي يخلو من العبارات الأدبية، اختلف معهم النقاد والمبدعين قائلين: هم بالطبع غير محقين في رأيهم لأن الكثير من الصحف لا تستخدم مثل هذا التعليق وحتى في حال حذفه فإنه لا يغير من الأمر شيئاً.
وهذا مثال على هذا النوع من الرسم الكاريكاتيري
2- كاريكاتير مع نص تعريفي:
وهو رسم يعتمد على الأداتين، أداة التعبير التشكيلية وأداة التعبير الأدبية، وفيها يرفق الفنان النص للوحة، للتعريف بشخصية ما، تكون معروفة للجميع كرئيس وزراء مثلاً أو ملك ما أو وزير خارجية… الخ، ويسمى هذا كاريكاتير “الصورة الهزلية” أو كاريكاتير “البورتريه”.
ولتلاعب فنان الكاريكاتير، يقوم بإدخال خطوط هنا وخطوط هناك، تغيّر شكل الأنف مثلاً أو الفم أو تقطيعات الوجه، وهنا يخاف فنان الكاريكاتير من عدم معرفة المشاهد للشخصية المرسومة، فيقوم بكتابة (نص تعريفي) يحمل اسم صاحب الصورة، مما يضعف اللوحة حتى في نظر الفنان نفسه.
بعض الفنانين يظهرون عيوب الوجه “البورتريه” بإضافة خطوط تجعل الأنف طويلاً أو عريضاً، وينقص خطوطاً ليجعل الأسنان الضاحكة مثلاً غير مكتملة.. الخ، ليخرج برسمه متقنة يستطيع الجميع معرفة الشخص المرسوم، وبالتالي لا داعي لتعريف صاحب الصورة هنا.
وهذا مثال على هذا النوع من الرسم الكاريكاتيري
3ـ الكاريكاتير مع النص التعليقي:
هذا النوع من الرسم الكاريكاتيري يعتمد التعليق الأدبي الذي يوضح مضمون اللوحة، ويعتبر عنصراً ثابتاً في اللوحة، ويجب عدم الخلط هنا بين التسمية (أسماء الأشياء الثابتة الداخلة في أصل الرسم كما هي في الواقع) والتعليق الذي لا يؤثر وجوده على مضمون اللوحة، بمعنى أن حذف التعليق فإنه يؤثر على وصول مضمون الرسم إلى القراء، أما التعليق الذي نقصده فهو ذلك التعليق الذي بدونه تصبح اللوحة غير مفهومة أو قابلة للتأويل.
وهذا مثال على هذا النوع من الرسم الكاريكاتيري
4- الرسم الكاريكاتيري ذات النص الداخل في اللوحة:
هذا الرسم يعتمد على أدوات التعبير التشكيلي لأن أدوات التعبير الأدبي هنا ليست عنصراً إضافياً في الرسم، وهنا يعتبر النص من أصل الرسم، حيث تدخل فيه كعنصراً ثابتاً إلى جانب التشكيل، ويمكن القول أن العبارات الموجودة في مثل هذه الرسوم، هي أسماء الأشياء الداخلة في الرسم، مثلاً يكتب اسم مدينة ما (القدس مثلاً) أو محل تجاري (بقالة) أو (جزار) أو ما شابه فهذه العبارة موجودة أصلاً في الواقع والرسام قام بتصويرها مثل بقية الأشياء، ومن هنا فإن هذا النوع من الكاريكاتير يعتمد بشكل كامل على أدوات التعبير التشكيلية وليس رسماً مركباً.
وهذا مثال على هذا النوع من الرسم الكاريكاتيري
5- الكاريكاتير المرافق للنص:
وهو الرسم الكاريكاتيري الذي يعتمد في إظهار مضمونه على نوعين من أدوات التعبير (التشكيلية والأدبية) وفي هذا النوع من الكاريكاتير، يشكل النص الأدبي والرسم التشكيلي وحدة متكاملة، بحيث لا يمكن أن يعبر الواحد منها عن نفسه في حال حذف الآخر، وقد يكون النص الأدبي حواراً بين أبطال اللوحة أو جملة على لسان أحد أبطال اللوحة أو حتى نصاً مطولاً، أو حتى حوار بين بطلين في اللوحة، وقد اشتهر في مجال استعمال النص الأدبي المطول وأحياناً الأشعار الشعبية الفنان الشهيد ناجي العلي.
إن استخدام النص الأدبي في الرسم والتذكير بأن دخول النص يجب ألا يحجب التشكيل ويدفعه إلى مكانة ثانوية، ولابد من وجود التوازن بين الاثنين بحيث لا يصبح الكاريكاتير غير ذي أهمية ووجوده كعدم وجوده، ففي حال أمكن الاستغناء عن التشكيل في الرسم الكاريكاتيري، والاكتفاء بالنص الأدبي للوصول إلى مضمون الرسم أو المادة المقدمة، فإن هذه المادة لا تنتمي إلى الكاريكاتير ولا يمكن تسميتها كاريكاتيراً لأن التشكيل فيها أدخل كعامل مساعد ليزيد فاعلية هذه المادة ويعطيها دفعاً، ويمكن القول أن مثل هذه المادة تنتمي إلى الفنون الأدبية الساخرة أكثر منها إلى الكاريكاتير، لأنها قادرة على الاكتفاء بالنص الموجود والوصول إلى الجمهور بدون التشكيل، أما إذا حذفنا النص الأدبي، فيبقى التشكيل خطوطاً تائهة لا معنى لها، هذا بالتأكيد ليس كاريكاتيراً.
ولهذا فإن على رسام الكاريكاتير أن يؤسس عمله تشكيلياً في البداية ثم يبنيه أدبياً بحيث يحصل على التوازن المطلوب وإلا فإنه سوف ينتج نصف كاريكاتير ونصف أدب، ما يمكن تسميته (كلمكاتير)، فالنص الأدبي المنوه إليه رغم أنه يصل إلى القارئ فإنه يبقى بعيداً عن الأشكال الراقية من أشكال الأدب الساخر وإذا انتمى إليها فهذا لا يعني أنه شغل مرتبة متقدمة بينها.
وهذا مثال على هذا النوع من الرسم الكاريكاتيري
ليتك تعرف- عضو جديد
- رقم العضوية : 31
الوطن :
عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 28/05/2015
رد: الرسم الكاريكاتوري
الرسم الكاريكاتيري ذات النص الخارج عن اللوحة:
وفيه تكون اللوحة الكاريكاتيرية والنص منفصلان غير متصلان متقاربان في الموقع عند إخراج المطبوعة، مكملان لبعضهما البعض.
يشترك الكاتب والرسام في معالجة قضية معينة، يرسم خلالها الفنان بغض النظر عن احتواء لوحته نصاً ملازماً أم لا، ويكتب الأديب ملتزماً الموضوع المتفق عليه، وصاحب هذا النوع هو الفنان ناجي العلي.
يقول محمود درويش “خطرت لناجي خاطرة فقال: تعال نعمل معاً (أنت تكتب… وأنا أرسم) ويضيف: كنا صديقين دون أن نلتقي كثيراً، وعملنا كثيراً… لا أعرف عنوانه ولا يعرف عنواني، وأثناء غربته في لندن، أعلن الخلاف مع الجميع وخدش الجميع بريشة لا ترحم، ولا يصغى إلى مناشدة الأصدقاء والمعجبين، إلى أن استبدل عبارتي “بيروت خيمتنا الأخيرة” بعبارة “محمود خيبتنا الأخيرة” كَلمَتُه معاتباً، فقال لي: لقد فعلت ذلك لأني أحبك ولأني حريص عليك من مغبة مما أنت مقدم عليه، ماذا جرى… هل تحاور اليهود؟ أخرج مما أنت فيه لأرسمك على الجدران!”.
ليتك تعرف- عضو جديد
- رقم العضوية : 31
الوطن :
عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 28/05/2015
رد: الرسم الكاريكاتوري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع متميز جدا من عضو متميز
تسلم على هذا التعب والترتيب و التنسيق الموجود في الموضوع ..يستحق التثبيت
تقبل تحياتي ومروري المتواضع
اخوك ياسين
موضوع متميز جدا من عضو متميز
تسلم على هذا التعب والترتيب و التنسيق الموجود في الموضوع ..يستحق التثبيت
تقبل تحياتي ومروري المتواضع
اخوك ياسين
الرامي- مراقب عام
- رقم العضوية : 10
الوطن :
عدد المساهمات : 16
تاريخ التسجيل : 06/05/2015
رد: الرسم الكاريكاتوري
السلام عليكم
بارك الله فيك اخي "ريف لاند" و جزاك كل خير
فبتعريفك المسهب و الدقيق لفن الكاركاتير افدت الجميع ووضعته في الصورة الحقيقية
و لا شك سيستفيد الأعضاء من هذا الشرح و كيف ان الكاركاتير هو جزء من الفن التشكيلي يتميز بالسخرية
التي يجب ان يتقنها الرسام سواء استعمل كاركاتيرا بنص او بغير نص و هنا يظهر الإبداع و الحس الفني
لدى الفنان الذي يستعمل كل الوسائل في سبيل ايصال الفكرة للعامة مهما كانت درجة ثقافتها و انتمائها
مجهود تشكر عليه وموضوع سيستفيد منه كل من زار صفحاتنا و قرأ ما بين يديه بتمعن .
يستحق التثبيت.
احلامي- عضو جديد
- رقم العضوية : 28
الوطن :
عدد المساهمات : 7
تاريخ التسجيل : 22/05/2015
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى